صنّف فقهاء الشیعة کتباً قیمة و رسائل نفیسة لا یمکن إحصاؤها، فی المسائل الفقهیة المتنوعه من قضایا الطهارة إلی الدیات و فی القضایا الإسلامیة الهامة خلال فترات زمنیة مختلفة، و حیث یمکن الإقرار بأنّ القضایا الفقهیة عند الشیعة الإمامیة تشکل ثروةً عظیمة من ثروات التشریع الإسلامی.
و رغم ذلک کلّه نری أن ّما حُقّق لیس کافیاً؛ لأنّ الفقه حقیقةً برنامج متکامل و شامل لحیاة الانسانی منذ بدء خلقة الإنسان إلی آخر حیاته، و من الملاحظ أن بعض المواضیع الفقهیة لم تُبحث بشکل موسَع، أو أنها بُحثت بشکل غیر کامل، بحیث یتعسر علی الباحث أن یصل إلیغایه؛ خاصة فما یتعلق بقضایا الأطفال الفقهیة و أحکامها و فروعها، لأنّ عند مراجعة الکتب المختلفة، اتضح لنا عدم وجود کتاب جامع فی تصانیف المذهب الشیعی و المذهب السنَی یشمل کل المسائل الفقهیة المرتبطة بالأطفال من فترة الحمل إلی فترة البلوغ، و علی نمط الاستدلال، بل أنّ الفقهاء (رض) تناولوا أحکام الأطفال بصورة مبعثرة و علی هامش القضایا الفقهیة المختلفة.
و تأتی أهمّیة هذه الدراسة فی الترکیز علی التشریع الإسلامی فی موضوع الأطفال و حمایتهم، حیث جعل حمایة الإنسان لأطفاله بمنزلة حمایة نفسه، وقد قال الله تعالی: (یا أَیهَا الَّذِینَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَکمْ وَ أَهْلِیکمْ ناراً وَقُودُهَا النّاسُ وَ الْحِجارَةُ)، و أمر نبیه (ص) أن یأمر أهله بالصلاة فقال عزّ و جلّ: (وَ أْمُرْ أَهْلَک بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَیها)، فینبغی علینا تعلیم أولادنا أحکام الدین و آدابه، و لا یمکن أداء هذه الوظیفة إلّا إذا تحمّل الوالدین و الأجداد مسئولیاتهم تجاه أبنائهم.
و هذا الأمر دعا سماحة المحقّق حجّة الإسلام و المسلمین الشیخ «قدرة الله الانصاری الشیرازی» إلی تألیف «الموسوعة الفقهیة فی أحکام الأطفال و أدلتها» و بإشراف سماحة حجّة الإسلام و المسلمین الشیخ محمّد جواد الفاضل نجل آیة اللّه العظمی الفاضل اللنکرانی(ره) مؤسّس المرکز الفقهی للأئمّة الأطهار(ع).
و حیث تتسم هذه الموسوعة بالتوسع و الشمول فی مواضیعها، بحیث لایمکن عرضها بهذا الشکل علی المراکز التعلیمیة بإعتباره مرجع دراسی. لذلک تم استخراج قسم من القضایا و المواضیع طبق روؤس العناوین المعتمدة فی جامعة الامام الصادق(ع) بإعتباره کمصدر دراسی «فقه الأطفال» تحت اشراف مؤلف الموسوعة المحترم.
و مجموعة القضایا أی الأحکام الفقهیة صُنِّفت علی أساس الوحدات الدراسیة المقررة. متمنًین أن تمًهد هذه الجهود العلمیة الطریق للقیام ببحوث فی هذا المجال، و تکون مرجعا علمیاً مناسباً للحوزات العلمیة والمراکز الجامعیة.