إنّ الأئمة(ع) مواضع معرفة الله, ولسان توحید الله, والدلیل للعباد على الله, بهم نهج الله سبیل الدلالة علیه, فأقامهم دلائل على توحیده، وجعلهم سبیله الذی من سلکه وصل إلیه تعالى؛ وذلک لأنّ الله اختارهم وانتجبهم وارتضاهم واصطفاهم وانتقاهم لیکونوا حججه وأمناءه وسفراءه وتراجمة أمره ولسانه الناطق فی خلقه وبابه الذی لا یؤتى إلا منه, فأعلى بهم کلمته، وأقامهم علماً لعباده ومناراً فی بلاده. ومن هذا المنطلق أودعهم الله علمه, وأحصى فیهم علم کلّ شیء, بل اختصّهم من خالص علمه، وائتمنهم على سرّه، ولم یحجب عنهم خبر السماء، وأعلمهم بکلّ ما علّمه ملائکته وأنبیاءه ورسله، وجعلهم أمناءه على ما أهبط من علم, ومکنهم بالعلم بعد رسوله(ص), فأخذوا علم الرسول(ص), وأصبحوا ورثة علمه(ص)، بل ورثة علم الأوّلین والآخرین, وأصبحوا باب علم الله, وحملة علم الله, ومعدن علم الله, وخزنة علم الله, وحفظة علم الله, ومستقر علمه تعالى. ولمّا آتاهم الله العلم نصبهم هداة لخلقه، وجعلهم نوره الزاهر, المضیء المبین الذی یخرق به الظلم، وینقذ به الناس من الجهل والضلالة..., فهم(ع) نور لمن تبعهم، ونور لمن اقتدى بهم, وهم النور الذی أمرنا الله باتّباعه, فمن جهلهم جهل الله، ومن لم یعرفهم کان کمن مثله فی الظلمات لیس بخارج منها. ومن هنا أصبح الحقّ معهم وفیهم ومنهم وإلیهم, وأصبحت لهم رایة الحقّ، من تمسّک بها نجا، ومن تخلّف عنها هلک. ولهذا أوجب الله ولایة الأئمة، وأمر بمعرفتهم، والردّ إلیهم والتسلیم لهم، والاقتداء بهم, وکلّفنا الاستمساک بعروتهم واتّباع منهجهم. ولهذا فکلّ من یبتغی معرفة الله فعلیه الرجوع إلى الأئمة الأطهار(ع)؛ لأنّهم(ع) أرکان توحید الله، والسبیل الوحید إلى الله, وقادة العباد إلى الله, والدلائل على ما یستدل بوحدانیته تعالى، وأبواب الله بینه عزّوجل وبین خلقه, من عرفهم عرف الله, وبهم نتوجّه إلى معرفة الله، بل لا یعرف الله إلا عن طریق معرفتهم، ولولاهم ما عرف الله، بل لا یهتدی هاد إلا بهداهم. وقد تمّ تألیف هذا الکتاب لتحقیق هذه الغایة, وهی معرفة الله عن طریق الأئمة الأطهار(ع)، وقد شغل هذا الأمر بالی لفترة طویلة بعد تألیفی کتاب التوحید عند مذهب أهل البیت(ع) وکتاب العدل عند مذهب أهل البیت(ع)، حیث رأیت خلال مطالعتی للکثیر من الکتب العقائدیة والکلامیة قلّة الاعتماد، بل قلّة الاستشهاد بالأحادیث الشریفة فی خصوص معرفة الله, فأوجد هذا الأمر فی نفسی الدافع لتألیف کتاب یتمّ فیه الاقتصار على کلام الأئمة(ع) فی خصوص معرفة الله بطریقة تختلف عن طریقة ذکر الأحادیث المرتبطة بالموضوع الواحد من دون وجود ترابط وانسجام بین مضامینها، فواصلت التفکیر حتّى وفّقنی الله للعثور على منهجیة جدیدة تقتصر فیها المعلومات على حدیث الأئمة(ع) فقط، وتکون طریقة العرض فیها وفق منهجیة تختلف عن المناهج المطروحة فی هذا المجال, فکان ما سیجده القارئ فی هذا الکتاب. وقد اعتمدت فی هذا الکتاب على منهجیة “التقطیع” المتعارفة التی اتّبعها جمیع المحدّثین فی مصنّفاتهم الحدیثیة, وهذه المنهجیة عبارة عن “تقطیع المصنّف الحدیث الواحد فی مصنّفه بأن یفرّقه على الأبواب اللائقة به للاحتجاج المناسب فی کلّ مسألة مع مراعاة ما سبق من تمامیة معنى المقطوع, وقد فعله أئمة الحدیث منّا ومن الجمهور ولا مانع منه”(). والفرق بین “التقطیع” المتّبع هنا عن غیره, أنّ المحدّثین القدماء والمعاصرین قاموا بالتقطیع الکلّی وتبدیل المقطع الکبیر من کلام الأئمة(ع) إلى أحادیث مختلفة لذکر کلّ حدیث فی الباب الخاص به، لکن المنهجیة المتّبعة فی هذا الکتاب هی التقطیع الجزئی بحیث یقتصر المقطع الواحد على موضوع وحکم واحد، مع اشتماله على أقل قدر ممکن من المتعلقات والتوابع, ومن ثمّ تنظیم وترتیب هذه المقاطع بصورة مترابطة ومنسجمة حسب المواضیع الفرعیة. وما تمتاز به هذه المنهجیة أنّها تقدّم للقارئ صوراً معرفیة واضحة من خلال تقطیع وتنظیم الأجزاء المترابطة من الأحادیث الشریفة حول الموضوع الفرعی الواحد، وتنظیمها وترتیبها للوصول إلى الصورة العلمیة المتکاملة والمرتبطة بالموضوع المطلوب.
فرمت محتوا | pdf |
حجم | 5.۳۲ کیلوبایت |
تعداد صفحات | 508 صفحه |
زمان تقریبی مطالعه | ۱۶:۵۶:۰۰ |
نویسنده | علاء الحسون |
ناشر | مرکز فقهی ائمه اطهار (ع) |
زبان | فارسی |
تاریخ انتشار | ۱۴۰۲/۰۸/۰۳ |
قیمت ارزی | 1 دلار |
مطالعه و دانلود فایل | فقط در فیدیبو |